من قبل البداية
كُنتُ في الرّحـْمِ حزينـاً
دونَ أنْ أعرِفَ للأحـزانِ أدنى سَبَبِ !
لم أكُـنْ أعرِفُ جنسيّـةَ أُمّـي
لـمْ أكُـنْ أعرِفُ ما ديـنُ أبـي
لمْ أكُـنْ أعرِفُ أنّـي عَرَبـي !
آهِ .. لو كُنتُ على عِلْـمٍ بأمـري
كُنتُ قَطَّعتُ بِنفسي ( حَبْـلَ سِـرّي )
كُنتُ نَفّسْتُ بِنفسي وبِأُمّـي غَضَـبي
خَـوفَ أنْ تَمخُضَ بي
خَوْفَ أنْ تقْذِفَ بي في الوَطَـنِ المُغتَرِبِ
خَوْفَ أنْ تـَحْـبـَل مِن بَعْـدي بِغَيْري
ثُـمّ يغـدو - دونَ ذنبٍ –
عرَبيـّاً .. في بِلادِ العَرَبِ !
حبيب الشعب
صورة الحاكم في كل اتجاه
أينما سرنا نراه
في المقاهي
في الملاهي
في الوزارات
و في الحارات
و البارات
و الأسواق
و التلفاز
و المسرح
و المبغى
و في ظاهر جدران المصحات
و في داخل دورات المياه
أينما سرنا نراه
صورة الحاكم في كل اتجاه
باسم
في بلد يبكي من القهر بكاه
مشرق
في بلد تلهو الليالي في ضحاه
ناعم
في بلد حتى بلاياه
بانواع البلايا مبتلاه
صادح
في بلد معتقل الصوت
و منزوع الشفاه
سالم
في بلد يعدم فيه الناس
بلآلاف يوميا
بدعوى الإشتباه
صورة الحاكم في كل اتجاه
نعمة منه علينا
اذ نرى حين نراه
أنه لما يزل حيا
و ما زلنا على قيد الحياة
شعر الرقباء
فكرت بأن أكتب شعراً
لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره
كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف
في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي
ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم.. بكل رباطة جأش
أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء!
راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة..
واستغنيت عن الإمضاء!
صاحب الجهالة
مرة فكرت في نشر مقال
عن مآسي الإحتلال
عن دفاع الحجر الأعزل
عن مدفع أرباب النضال
و عن الطفل الذي يحرق في الثورة
كي يغرق في الثورة أشباه الرجال
قلب المسؤول أوراقي و قال
اجتنب أي عبارات تثير الإتفعال
مثلا
خفف (مآسي)
لم لا تكتب(ماسي)
أو (مُواسي)
أو (أماسي)
شكلها الحاضر إحراج لأصحاب الكراسي
إحذف الأعزل
فالأعزل تحريض على عزل السلاطين
و تعريض بخط الإنعزال
إحذف ( المدفع)
كي تدفع عنك الإعتقال
نحن في مرحلة السلم
و قد حرم في السلم القتال
إحذف ( الأرباب)
لا رب سوى الله العظيم المتعال
إحذف ( الطفل)
فلا يحسن خلط الجد في لعب العيال
احذف ( الثورة)
فالأوطان في أفضل حال
احذف ( الثورة) و ( الأشباه)
ما كل الذي يعرف يا هذا يقال
قلت إني لست إبليس
و أنتم لا يجاريكم سوى ابليس
في هذا المجال
قال لي كان هنا
لكنه لم يتأقلم
فاستقال
الغريب
كل ما في بلدتي
يملأ قلبي بالكمد
بلدتي غربة روح و جسد
غربة من غير حد
غربة فيها الملايين
و ما فيها أحد
غربة موصولة
تبدأ في المهد
ولا عودة منها للأبد
شئت أن أغتال موتي
فتسلحت بصوتي
أيها الشعر لقد طال الأمد
أهلكتني غربتي أيها الشعر
فكن أنت البلد
نجني من بلدة لا صوت يغشاها
سوى صوت السكوت
أهلها موتى يخافون المنايا
و القبور انتشرت فيها على شكل بيوت
مات حتى الموت
و الحاكم فيها لا يموت
ذر صوتي أيها الشعر بروقا
في مفازات الرمد
صبه رعدا على الصمت
و نارا في شرايين البلد
ألقه أفعى
الى أفئدة الحكام تسعى
و افلق البحر
و أطبقه على نحر الأساطيل
و أعناق المساطيل
و طهر من بقاياهم قذارات الزبد
إن فرعون طغى أيها الشعر
فأيقظ من رقد
قل هو الله أحد
قل هو الله أحد
قل هو الله أحد
قالها الشعر
و مد الصوت و الصوت نفد
و أتى من بعد بعد
واهن الروح محاطا بالرصد
فوق أشداق دراويش
يمدون صدى صوتى على نحري
حبلا من مسد
و يصيحون مدد
ما بعد النهاية
إنني المشنوق أعلاه
على حبل القوافي
خنت خوفي و ارتجافي
و تعريت من الزيف
و اعلنت عن العهر انحرافي
و ارتكبت الصدق كي أكتب شعرا
و اقترفت الشعر كي أكتب فجرا
و تمردت على أنظمة خرفى
و حكام خراف
و على ذلك
و قعت اعترافي
مدخل
سبعون طعنة هنا موصولة النزف
تبدي ولا تخفي
تغتال خوف الموت في الخوف
سميتها قصائدي
وسمها ياقارئي حتفي
و سمني منتحرا بخنجر الحرف
لأنني في زمن الزيف
و العيش بالمزمار و الدف
كشفت صدري دفترا
و فوقه
كتبت هذا الشعر بالسيف
قطع العلاقة
وضعوا فوق فمي كلب حراسة
و بنوا للكبرياء
في دمي سوق نخاسة
و على صحوة عقلي
أمروا التخدير أن يسكب كاسه
ثم لما صحت
قد أغرقني فيض النجاسة
قيل لي
لا تتدخل في السياسة
تدرج الدبابة الكسلى على رأسي
إلى باب الرئاسة
و بتوقيعي بأوطان الجواري
يعقد البائع و الشاري مواثيق النخاسة
و على أوتار جوعي
يعزف الشبعان ألحان الحماسة
بدمي ترسم لوحات شقائي
فأنا الفن
و أهل الفن ساسة
فلماذا أنا عبد
السياسيون أصحاب قداسة
قيل لي
لا تتدخل في السياسة
شيدوا المبنى و قالوا
أبعدوا عنه أساسة
أيها السادة عفوا
كيف لا يهتز جسم
عندما يفقد راسه
عدالة
يشتمني
و يدعي أن سكوتي
معلن عن ضعفه
يلطمني
و يدعي أن فمي قام بلطم كفه
يطعنني
و يدعي أن دمي لوث حد سيفه
فأخرج القانون من متحفه
و أمسح الغبار عن جبينه
أطلب بعض عطفه
لكنه يهرب نحو قاتلي
و ينحني في صفه
يقول حبري و دمي
لا تندهش
من يملك القانون في أوطاننا
هو الذي يملك حق عزفه
نبوءة
إسمعوني قبل أن تفتقدوني
ياجماعة
لست كذابا
فما كان أبي حزبا
ولا أمي إذاعة
كل ما في الأمر
أن العبد
صلى مفردا بالأمس
في القدس
و لكن الجماعة
سيصلون جماعة
"الرئيس المؤتمن "
زار الرئيس المؤتمن
بعض ولايات الوطن
وحين زار حيّنا
قال لنا
هاتوا شكاواكم بصدقٍ في العلن
ولا تخافوا أحدا فقد مضى ذاك الزمن
فقال صاحبي حسن
يا سيدي
أين الرغيف واللبن؟
وأين تأمين السكن؟
وأين توفير المهن؟
وأين من
يوفر الدواء للفقير دونما ثمن؟
يا سيدي لم نر من ذلك شيئا أبداً
قال الرئيس في حزن
أحرق ربي جسدي
أكلّ هذا حاصل في بلدي؟
شكرا على صدقك في تنبيهنا يا ولدي
سوف ترى الخير غدا
****
وبعد عام زارنا
ومرة ثانية قال لنا
هاتوا شكاواكم بصدق في العلن
ولا تخافوا أحدا
فقد مضى ذاك الزمن
لم يشتك الناس
فقمت معلنا
أين الرغيف واللبن ؟
وأين تأمين السكن ؟
وأين توفير المهن؟
وأين من
يوفر الدواء للفقير دونما ثمن؟
معذرة يا سيدي
وأين صاحبي حسن ؟
عباس يستخدم تكتيكاً جديداً
بعد أنتهاء الجوله المظفره
((عباس)) شد المخصره
ودس فيها خنجره
وأعلن أستعداده للجوله المنتظره
* * *
اللص دق بابه
((عباس)) لم يفتح له
اللص أبدى ضجره
((عباس)) لم يضغ له
اللص هد بابه
وعابه
واقتحم البيت بغير رخصه
وانتره:
ياثور.. أين البقره؟
((عباس))دس كفه في المخصره
واستل منها خنجره
وصاح فس شجاعه:
في الغرفه المجاوره!
* * *
اللص خط حوله دائره
وأنذره:
إياك أن تجتاز هذي الدائره
* * *
علا خوار البقره
خف خوار البقره
خار خوار البقره
واللص قام بعدما
قضى وطره
ثم مضى
وصوت ((عباس)) يدوي خلفه
فلتسقط المؤامره
فلتسقط المؤامره
فلتسقط المؤامؤه
عباس ..والخنجر ما حجته؟!
للمعضلات القاهره
وغارة اللص؟!
قطعت دابره
جعلت منه مشخره
إنظر..
لقد غافلته
وأجتزت خط الدائره!
لص بلادي
بالتمادي . . . يصبح اللص بأوربا مديراً للنوادي،
وبأمريكا، زعيماً للعصابات وأوكار الفساد،
وبأوطاني اللتي من شرعها قطع الأيادي،
.يصبح اللص . . . زعيماًُ للبلاد
المخبر
عندي كلام رائع لا أستطيع قوله،
أخاف أن يزداد طيني بلة،
لأن أبجديتي،
في رأي حامي عزتي،
لا تحتوي غير حروف العلة ؛
فحيث سرت مخبر يلقي علي ظله،
يلصق بي كالنملة ،
يبحث في حقيبتي ،
يسبح في محبرتي،
يطلع لي في الحلم كل ليلة ،
حتى إذا قبلت يوما طفلتي ،
أشعر أن الدولة
قد وضعت لي مخبرا في القبلة ،
يقيس حجم قبلتي،
يطبع بصمة لها عن شفتي،
يرصد وعي الغفلة ،
حتى إذا ماقلت يوما جملة،
يعلن عن إدانتي، ويطرح الأدلة ،
لا تسخروا مني ، فحتى القبلة
.تعد في أوطاننا حادثة تمس أمن الدولة
زمن الحمير
المعجزات كلها في بدني ،
حي أنا لكن جلدي كفني ،
أسير حيث أشتهي لكنني أسير ،
نصف دمي بلازما، ونصفه خبير ،
مع الشهيق دائما يدخلني، ويرسل التقرير في الزفير ،
وكل ذنبي أنني آمنت بالشعر، وما آمنت بالشعير ،
.في زمن الحمير