التحرش بالمحارم..قصص واقعية خلف الأبواب المغلقة
رغم أنها تشغل وظيفة علمية مرموقة ورغم أن شقيقها الأصغر حاصل على مؤهل جامعي وأسرتهم ذات مكانة اجتماعية جيدة، إلا أن هذا لم يردعه عن تقديم عرضه المشين عليها والذي منعها الحياء أن تصفه أو تصارح به أسرتها .
وقعت عليها كلماته كالصاعقة، لم تصدق ما سمعته خاصة وأنها الشقيقة الكبرى التي أحاطته بكل اهتمام ورعاية تصل لدرجة التدليل..وهو وإن كان شقيقها الأصغر إلا أنه من المفروض أن يدافع عنها لا أن يكون هو مصدر الاعتداء..!
تقول هيام : أعلم أن أخي في ريعان الشباب وفي حاجة إلى الزواج ولكن ظروف أسرتنا الكادحة لا توفر لأحدنا الشقة أو الجهاز اللازم للزواج، فنحن 8 أشقاء، كل منا يصارع في الحياة، ويساند ،بما تتوافق ظروفه، في المحن التي يقع فيها أحدنا من الحين للآخر .. ولكن لا أعرف ماذا أفعل لأخي.. خائفة منه وخائفة عليه، أبكي ليل نهار وعرضت عليه أن أشترك له في نادي رياضي لعله يكن متنفساً لطاقاته المكبوتة.. إن الكارثة الحقيقية أنني لا أشعر بالأمان في المنزل وأفكر في الهروب منه.
من ثقب الباب
هيام ليست الوحيدة التي تعرضت أو تتعرض لتحرش محارم، كثيرات مثلها إما يصمتنّ خوفاً من العار أو يتجهنّ إلى بعض مراكز التأهيل مثل مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف.
( ن) فتاة في عمر الزهور لم تتخط الـ 18 عاماً، كانت تشعر بأن هناك من يتلصص عليها من خلال ثقب باب غرفتها، إلا أنها عندما تفتح الباب لا تجد أحداً مما جعلها تعتقد أنها تعاني بعض التهيؤات والخيالات، خاصة في ظل تغيب والدها وأمها عن المنزل في فترة العمل .
وتضيف: استيقظت ذات يوم على يدٍ تنهش جسدي.. ولم أتخيل أنه أخي مما أصابني بالذعر والخوف، فتركت المنزل وهربت إلى الشارع وعندما عثروا علي لم أصارح أحداً سوى أمي، التي أصيبت بنوبة هستيرية من الصراخ وبدلا من أن تسارع بعقابه وحمايتي منه فضلت إيداعي في دار رعاية الأحداث.. ولكن كل المؤسسات رفضتني لأنني لم أرتكب جريمة .
وعن طبيعة علاقتها بأخيها تقول: " علاقتنا عادية جدا كنا بنلعب مع بعض على طول واحنا صغيرين، وكان مكانه المفضل اللي بيستخبى فيه فوق دولابي أو داخله، ولما كبرنا كل واحد فينا كان بينام في أوضة لوحده .. كان بيقولي اني جميلة ورقبتي طويلة وهو بيحب كده ".
خالي بيعاكسني
بعد صمت وتردد تحكي سعاد ( 24 عاماً، مؤهل جامعي، موظفة): " أنا نفسي أخلص من حياتي .. مش عارفة ده حصل ازاي .. خالي .. "
وتضيف بنفس التردد زائد عليه الخجل: " خالي بيعاكسني .. مش بيعاكسني بالظبط .. يعني بيعمل .. بيعمل حاجات .. المشكلة إن ماما عرفت ومش قادرة تمنعه إنه ييجي البيت عندنا .. شافته مرة وهو يحاول التحرش بي .. اتخانقت معايا وهاجمتني واتهمتني إن أنا السبب.. أنا بكره البيت وبكره ماما وخالي ونفسي أموت وأرتاح من حياتي كلها ".
الطامة الكبرى لدى سعاد أن أمها منفصلة عن أبيها ولا يمكنها اللجوء له، وتقول: " المشكلة إن بابا مش عايزني أعيش معاه، مراته عايزة كده .. وكمان هي عندها ولاد كبار مينفعش أعيش معاهم في نفس البيت ".
بعلم زوجي
من خال سعاد إلى حمى دولت، اختلفت الأعمار ولم تختلف التحرشات، فعلى الرغم من صغر سن دولت ( 29 عاماً) إلا أنها أماً لـ4 أطفال، تشقى عليهم طوال النهار من خلال عملها كمربية أطفال، ولا تنعم بحضن أولادها الدافئ بعد طلاقها الناتج عن تحرش حماها بها.
تحكي قصتها دامعة: " مش عايزة حاجة من الدنيا خالص .. كل اللي عايزاه مكان إنشالله حجرة صغيرة أتلم فيها مع عيالي .. من يوم ما اتولدت لم أرَ يوما حلوا، أبويا مات وانا صغيرة وأمي اتجوزت راجل تاني، عشت عند خالي وكانت مراته مشغلاني خدامة في البيت لحد ما جاء النصيب."
"جوزوني لراجل مايعرفش ربنا .. عشت في بيت عيلة شربت فيه المر .. حماي راجل مش كويس كان طول الوقت بيطاردني .. جوزي بيشوف ويسكت..! وأخوه طول الوقت يضربني ولو اشتكيت لجوزي يضربني هو كمان، كانت عيشة عذاب في عذاب.. اتطلقت بس خدوا مني العيال، خالي مرضيش حتى إني آخد البنت الصغيرة معايا .. قال هأكلك ولا هأكلها .. دلوقت أنا بشتغل مربية وبصرف على نفسي .. بس نفسي في سكن يلمني أنا وولادي وأعرف آخدهم في حضني".
على كل شكل ولون
تؤكد أماني محمود ،مسئولة برنامج المرأة بمركز النديم، أن التحرش بالمحارم يقع على كل شكل ولون وفي جميع الأوساط الاجتماعية.
وتوضح: لا ينتشر تحرش المحارم الذي قد يصل إلى الزنا في البيئات الأكثر فقراً فقط كما يشاع، وإنما البيئة المعدمة هي التي قد يفيض بها الكيل وتبوح باحثة عن مخرج لأزمتها، ولكن الوضع يكون مختلفاً في الأوساط الاجتماعية الأعلى ذات الاستقرار المادي، حيث يتعمدون التكتم حفاظاً على شكلهم الاجتماعي .
وتضيف: إن التحرش بالمحارم أحد أشكال العنف الأسري، يهدف من خلاله الرجل لإذلال المرأة وإهانتها خاصة وأنه على يقين بأننا مجتمع يخشى الحديث في الأعراض، ويعتبره عارا كبيرا دون أن يفهم أن العنف ،أياً كان شكله، يسيء إلى رجولته أولاً.